خاص: مشروع تطوير التعليم والتدريب المهني والتقني - بلا أي صعوبات تذكر وصلنا إليه، ، اسم يتردد على لسان كل طفل وشاب وكهل ، كل تاجر وعامل وموظف، كل زائر وسائح، كل من أراد أن يضرب مثلا بقصة نجاح حقيقية لشخص بدا حياته العملية باستدانة مائة دينار أردني :لشراء ماكنة خراطة صغيرة وقديمة عام 1966 سرعان ما تحولت تلك الماكنة إلى عشرات الآلات والمعدات التي تعمل بأحدث الطرق ومجموعة مصانع حملت اسمه، انه ابن مدينة جنين السيد إبراهيم طاهر حداد الذي وجدنا أهمية تسليط الضوء على قصته علها تشكل نموذجاً يحتذى به، عند اطلاق الأحكام على أهمية التعليم والتدريب المهني والتقني الذي كان سببا في صعود الحداد إلى القمة. رجل الأعمال الأول في جنين الذي حمل قناعاته وفلسفاته في الحياة شاباً طموحاً وبدء يوظفها عندما تسامى بقناعاته وقرر أن يكون طالبا في المدرسة الصناعية في مدينة نابلس وان يختار بحب ورغبة وميول وموهبه تخصصا أحبه كثيرا وكان سببا في صعوده للقمة إبراهيم حداد روي لنا قصته قائلا: «بعد أن أنهيت تعليمي الإعدادي قررت وبرغبة تامة مني للالتحاق بالتعليم الصناعي، دخلت مدرسة نابلس الصناعية واخترت تخصص الخراطة لأنني كنت مؤمنا بان هذا التخصص يحتاج لعلم ومعرفة وموهبة.
الجوهر لا المظهر
يتابع الحداد «درست الخراطة لمدة ثلاث سنوات وتفوقت في دراستي وتخرجت عام 1964 ، اذكر وقتها أنني استلمت الشهادة وقمت بتمزيقها على الفور فما كان يهمني هو الجوهر وليس القشرة الخارجية، رغم تفوقي التام بالدراسة، إلا أن «برستيج » الشهادة لم يكن هاجسا بالنسبة لي. سافرت للدول الخليج ولم أجد العمل المناسب في المجال الذي درسته، فقررت الذهاب إلى لبنان وهناك باشرت عملي في مجال الخراطة لمدة سنتين، ولكنني قررت العودة لفلسطين عام 1966 ، عندما وجدت عملي في لبنان لا يحقق لي ما اطمح إليه، وبدأت اعمل بشكل مستقل ، شي لا أنساه أبدا في رحلة كفاحي أنني لم أكن املك أية اموال لبدء عملي وقمت باستدانة مائة دينار أردني لشراء ماكنة خراطة صغيرة قديمة وعملت مشغل على مساحة »6« أمتار بالقرب من منزل العائلة الخاص وركزت آنذاك على العمل في مجال الخراطة وترخيص السيارات وصيانة الآليات. حتى أصبحت الاسم الأول في مدينة جنين في مجال الخراطة.
إمكانيات قليلة وطموح كبير
يواصل «في الفترة الواقعة بين 1967 إلى 1973 ركزت في عملي على صيانة التراكتورات التي لم يتجاوز عددها في تلك الفترة عشرة تراكتورات بالضبط، قمت باستيراد معدات من بريطانيا وركزت على خدمة تلك التراكتورات وصيانتها بالكامل وكان هذا سبب رئيسي في انفتاحي على الأسواق داخل إسرائيل وهناك أي في إسرائيل لمست الفرق بيني وبينهم من حيث الإمكانيات حيث كانوا يستخدمون أدوات متطورة كثيرا وحديثة جدا ولكنني لم أتردد في قراري في الاستفادة من تجربتهم ونقل خبراتهم بإمكانياتي المحدودة. بدأت اشتري بعض الماكنات الصغيرة واعمل على صيانة الأدوات الصناعية ولاحظت بعد ذلك ان وضع العمل بدا يتصاعد من نواحي عدة الخبرة والزبائن والاسم والدخل وقد أضاف عملي في صيانة الآليات وتطويرها إلى تطوير القطاع الزراعي في كافة مناطق جنين ومن ثم الضفة الغربية.
صعود متجدد
ضريبة النجاح لا بد من دفعها، ووضع العراقيل أمام كل إنسان بدا يصعد سلم النجاح أمر لا بد منه فكيف واجه إبراهيم حداد كل العراقيل والمعيقات التي واجهته؟ يقول:
«عندما بدأت ابحث عن أسواق فيها ربح مضمون لجأت إلى الأسواق الإسرائيلية وبدأت ادخل على القرى التعاونية في إسرائيل وفي عام 1973 انتقلت لشارع نابلس ونقلت مشغلي على مساحة 140 م بدل 6 أمتار واشتريت من ألمانيا مخارط ومكابس وقص على العين الالكترونية ولم اولي أي اهتمام للفرق الذي وجدته بين إمكانياتي والإمكانيات المتوفرة الأخرى التي رأيتها في إسرائيل وقررت الانفتاح على الأسواق الإسرائيلية ومواجهة كافة التحديات الحتمية خاصة تلك النابعة من منافسة المصانع الإسرائيلية التي جعلتني أعيد حساباتي واختار اما البقاء في السوق أو الإنسحاب وسرعان ما قررت أن أتحدى وأكون على حجم المنافسة وأواصل وأتطور، وبالعلم واستغلال تجربتي التعليمية في مجال الخراطة قررت بان أركز على عناصر هامة من شانها أن تجعلني اختار الاستمرار والصعود والنجاح فركزت على السعر والجودة والخدمة وفي عام 1976 اشتريت دونم أرض في المنطقة الصناعية ووسعت عملي ونقلت مشغلي من 140 م إلى 1000 م وتابعت كل التطورات التكنولوجية التي تحدث بشكل دائم خاصة على الآليات والمعدات التي اعمل بها وكانت تلك فترة هامة جدا بالنسبة لي وانطلقت كأنني أولد من جديد في 1981شاركت في أول معرض في تل أبيب - جناح الضفة الغربية وعرضت عشر قطع من الأدوات الزراعية منها تقليدي ومنها متطور ، واذكر حينها كيف فوجيء مدير المعرض بمعروضاتي وبالمستوى الذي قدمته آنذاك
منافسة لكبرى المصانع في إسرائيل، وعراقيل أخرى
وعن حجم المنافسة التي خاضها إبراهيم حداد في تجربته قال لنا «في إسرائيل كان هناك خمسة مصانع مشابهة ، بدأت أنافسها جميعا بالتركيز على عنصر الجودة والسعر والخدمة حتى قاموا برفع قضية علي لوزارة الزراعة الإسرائيلية خاصة بعد ان بدات ادخل على خطوطهم وأصدر لأوروبا إلا ان ضابط الزراعة الإسرائيلي جاء لزيارتي ومعه خبراء لفحص المصنع وسألوني عن الجدوى الاقتصادية بكل تفاصيلها وعن التكاليف وعن السبب الذي يجعلني أورد بسعر منخفض حتى اقتنعوا أن لا خلل في عمله.
مصانع حداد صعود للقمة وتشغيل لمئات العمال
لم يكن الانجاز الذي وصل إليه السيد إبراهيم حداد بالشيء العادي أو البسيط، بل كان فيه زخم حقيقي تجسد في إنشائه العديد من المصانع والشركات الأخرى التي كانت فلسطين بأمس الحاجة لها، ففي سنتين ونصف من العمل المتواصل انشأ إبراهيم حداد العديد من الشركات والمصانع وعن هذه التجربة قال: «عام 1990 أسست شركة حداد وحافي وهي شركة صناعية استثمارية وأنشأت مصنعا للأوكسجين ومحطة تعبئة غاز ومحطتين بنزين، كما قمت بفتح قسم ترخيص سيارات ومصنع باطون جاهز ومصنع قناني الغاز وكل هذا تطلب مني تشغيل مئات الأيدي العاملة.
قرية حداد السياحية ومدرج روماني
وبقي الطموح متواصل، والتفكير في أفاق أخرى هاجس يشغل باله ليس للربح المادي فقط كما عبر حداد ولكن لهدف أسمى واهم يقول في هذا الاطار 1996 « قدمت تراخيص للقرية السياحية واستغرق مني عمل التراخيص 3 سنوات وأقمتها على 43 دونم، ونجحت القرية في استقطاب الملايين وعشرات الألوف يتوافدون سنوياً وفي كل موسم تستقطب القرية أكثر من 60000 طالب وطالبة والآن قيد الإنشاء مدرج جرش الروماني الذي سيتسع ل 1700 شخص لعروض مختلفة ومؤتمرات وحفلات فنية وسيتم تشغيله في أسرع وقت ممكن خلال الأشهر القليلة القادمة. الخطوة الأولى والأساس الذي يتم البناء عليه، هما الكفيلان الوحيدان لرسم مستقبل الإنسان خاصة إذا بني ذاك الأساس وتلك الخطوة على احتياج حقيقي ومطلوب، فقد كان التعليم المهني خيارا لشاب طموح عرف قيمته ولم يأبه لأية معتقدات أخرى غير ما يريده هو دوما تحتاج إليه بلده، فانطلق من مدرسة نابلس الصناعية كشاب بسيط لا يملك من المال شيئا وبدا يخطو= خطواته مستندا على شهادته التي مزقها فور استلامها، لان هاجسه كان المعرفة و المعلومة وليس الورقة، وأصبح الآن رجل أعمال يذاع سيطه على لسان كل فرد ومؤسسة وقطاع خاص وعام، لعلها تجربة وقصة نجاح حقيقة قد نتعلم منها الكثير من الدروس والحكم.

